رواية لم يبق لنا إلا الوداع
البداية وهل كان سيتغير وضعها عما هي عليه الآن هزت منار رأسها بالنفي وأردفت
_الظاهر أني كان المفروض أعمل كده وأتعامل زي ما بيتعاملوا وواضح إن أمجد كان معاه حق لما قال إنهم مختلفين عني وبتوع ألاعيب
وفي المساء جلست منار فوق فراشها تتحدث إليه وتسأله عن يومه فكانت معظم إجاباته مختصرة مقطبة فعقدت حاجبيها وسألته
________________________________________
مش عاجبني وحساك متغير
زفر أمجد بحنق وعينه تتابع مكان ليان التي لم تعره أي اهتمام منذ عودته للمنزل وأجاب سؤالها بعدما أعادته مرة أخرى بقوله
_شوية مشاكل فالشغل يا منار المهم أنت كنت عايزة حاجة مني علشان أنا مضطر أقفل لأني لسه مروحتش والورق اللي فأيدي محتاج مني التركيز
_لا يا أمجد أنا كنت بطمن عليك عموما لما تخلص أبقى كلمني عن إذن
لم يتمهل حتى تكمل كلمتها وأنهى الاټصال وسارع إلى مكان ليان فرآها تجاور والدها تحتضن أحد كتبه فاقترب منها وجلس بجوارها وأحاط كتفها بساعده ومال صوب أذنها هامسا
_على فكرة أنا زعلان منك علشان حرمتيني من صوتك النهاردة ولما رجعت مهتمتيش بيا زي كل يوم ودلوقتي قاعدة تقري ومطنشاني
_معلش أصلي النهاردة قضيت اليوم فالصلاة ومحستش بالوقت عموما بعد كده هاخد بالي وهتصل بيك المهم تحب أحضر لك العشا ولا هتنام خفيف زي كل يوم
أبعد أمجد جسده عنها وسحب ذراعه ووقف قائلا
_لا هنام خفيف يا ليان خليك أنت يا حبيبتي كملي قراءة
ألقى أمجد قوله وعلى شفتيه ابتسامة هادئة والټفت صوب ضياء واستأذنه واتجه إلى غرفته لينزع تلك الابتسامة البغيضة عنه ويكشف عن وجه غاضب شابه وجه الشېطان ونزع حلته بقوة كادت ټمزقها وارتمى فوق فراشه وهو يفكر باتصال منار الذي أدرك سببه فحتما تريد منه مساعدتها بعدما أخبره أحدهم عن حالة الڠضب التي أصابتها بعد رفض التصميم
_الحمد والشكر ليك يا رب أهو بالصورة دي أنا هقدر أثبت حقي من غير مساعدة أو واسطة
بصباح اليوم التالي أسرعت منار إلى الشركة المسؤولة عن المسابقة وطلبت مقابلة مع مديرها وبعد نحو الساعة وافق أخيرا على رؤيتها فجلست أمامه تشعر بالحرج ويدها تقبض على نسخة من تصميمها وحين سألها عن سبب زيارتها رفعت عينها وحدقت بوجهه قائلة
_أنا كنت جاية أعرف السبب اللي أترفض على أساسه التصميم اللي قدمته للچنة الشركة
_أنهي تصميم فيهم لأن المهندس أيمن جاب أربع تصاميم علشان أفاضل بينهم ومأظنش أني قريت اسمك على واحد فيهم
وقفت منار وقدمت له تصميمها وأردفت
_أزاي اسمي مش موجود وأنا مشاركة فالمسابقة ولو حضرتك مش مصدقني دي نسخة عن التصميم اللي قدمته امبارح للچنة واللي أترفض بدون إبداء أي أسباب ولما سألت محدش جاوبني
التقط سامر النموذج ووضعه أمامه فوق سطح مكتبه وعينه تجول فوق تفاصيله ورفع عينه عنه ونظر إليها وأردف
_أنت متأكدة إن النموذج دا أنت اللي عملاه وأتقدم للچنة واترفض
أومأت منار بثبات وأكدت بقولها
_حضرتك ممكن تبعت للبشمنهدش أيمن وتجيبه وهو يواجهني ولو طلعت كذابة أنا موافقة تتخذوا ضدي أي إجراء
سارع سامر وهاتف أيمن وطلب مجيئه إلى مكتبه على الفور ووقف أمام منار وحجبها عن النظر وحين ولج أيمن رحب سامر به وأردف
_بشمهندس أيمن أنا كنت عايز أعرف وجهة نظرك فرفض التصاميم
أجابه أيمن بثقة
_ما أنا يا أفندم قدمت تقرير عن كل تصميم بنقاط القوة والضعف اللي فيه هو حضرتك مقرتش التقارير
ابتعد سامر وكشف عن وجود منار فشخص أيمن إليها پذعر والټفت إلى سامر وحدق بوجهه پخوف فرفع سامر حاجبه وأردف
_ممكن أفهم فين تصميم المهندسة منار شهدي يا بشمنهدس
شحب وجه أيمن ولم يدر بما يجيب سؤاله فهو تخلص من التصميم فورا قبل وصوله إلى الشركة كما أخبره أمجد ولم يأت على ذكره لأنه أدرك منذ وقع بصره عليه أنه التصميم الفائز ازدرد أيمن لعابه وخفض بصره قائلا
_التصميم للأسف وقع عليه القهوة واضطريت أقول إنه أترفض
هز سامر رأسه وردد قوله ساخرا وأردف
_بقى القهوة وقعت عليه عموما الآنسة قدمت لي نسخة بديلة عن اللي وقع عليها القهوة وبصراحة أنا أول ما شوفته قررت أني أعتمده فالمشروع ودلوقتي اتفضل حضرتك وأبعت لي المستشار القانوني علشان نوقع عقد للبشمهندسة علشان تضمن حقها معانا
أومأ أيمن وأسرع بمغادرة الغرفة وهاتف أمجد وأبلغه بما حډث ليهب الأخير عن مكانه وهو يحدق بهاتفه پغضب وصړخ بصوت هادر قائلا
_وأنت كنت فين لما منار وصلت للشركة وقابلت سامر كنت نايم على ودنك
اغتاظ أيمن لتطاول أمجد الغير مبرر وأنهى الاټصال واتجه إلى غرفة المستشار وأبلغه بطلب سامر وعاد إلى مكتبه محاولا تمالك غضبه بينما وقفت منار تحدق بوجه سامر لا تصدق أنه يريد التعاقد معها وحين ولج المستشار انتفضت قائلة
_معلش أنا ممكن أعمل اتصال ضروري
أومأ سامر مرحبا وتابعها تحدق بهاتفها وعينيها تلمع بغبطة واستمع إلى صوتها والسعادة تكاد تقفز مع كل حرف تقوله
_حبيبي مش هتصدق أنا تصميمي أتقبل ودلوقتي موجودة
________________________________________
فمقر الشركة وعايزيني أوقع على عقد أنهم هيستخدموا التصميم بتاعي
صمتت تنصت لمحدثها بلهفة لتتسع ابتسامتها قائلة
_تمام عايزاك بقى تدعيلي وأنت بتصلي سلام يا حبيبي
التفتت منار وحين لاحظت نظرات سامر إليها احمر وجهها وأردفت
_آسفة بس أصل أنا مقدرتش مبلغش بابا لأنه كان مضايق بسبب اللي حصل معايا امبارح
وقعت منار العقد وهرولت إلى منزلها تقفز فرحا مع شقيقاتها ليخبرها شقيقها باتصال أمجد بها فالتقطت الهاتف منه وأجابت وعلى وجهها ابتسامة
_اسكت يا أمجد أنا لو أحكي لك قد أنا فرحانة مش هتصدق أصلي النهاردة مضيت عقد مع شركة كبيرة و
بترت منار كلمتها حين أتاها صوته الحاد يقول
_وهترجعي تفسخي العقد يا منار لأن أنا سبق وقلت لك أني مش عايزك تشتغلي وبعدين بدل ما كنت روحتي شركة المهندس سامر واشتكيت وعملت الفيلم دا علشان يقبلوا التصميم اللي أترفض كان الأولى أنك تنزلي معايا نشتري العفش ونرتب لفرحنا ولا أنت خلاص نسيت أننا مفروض كنا أتجوزنا من كام شهر وحضرتك اللي أجلتي
خبت سعادة منار وتجهم وجهها وبداخلها نمت بذور الشك وروتها الحيرة فكيف لزوجها بمعرفة ما حډث وهو لم يعطها الفرصة لتخبره بالأمس انتبهت منار لعيون شقيقاتها المتابعة لها فابتسمت بحرج واتجهت صوب غرفتها وأغلقت بابها خلفها وأردفت
_أمجد أنت عرفت أزاي أني روحت شركة البشمهندس سامر وإن أصلا التصميم أترفض وأنا متكلمتش معاك
لعڼ أمجد لسانه الذي زلف رغما عنه وحاول أن يشتت انتباهها ولكنها رفضت وأصرت على سؤالها قائلة
_جاوبني يا أمجد عرفت منين إن
________________________________________
التصميم أترفض
صاح بها غاضبا
_هو تحقيق يا منار ما خلاص عرفت زي ما عرفت المهم الكلام اللي قلته العقد تفسخيه وتشيلي من دماغك موضوع الشغل نهائي وتبدأي