رواية لم يبق لنا إلا الوداع
لاتصاله وهو يتلفت حوله بحذر وأنصت لحديث شهدي بوجه مقطب وحين طال صمته ابلغه بموافقته مرغما وألقى هاتفه أرضا ولعڼ حظه فهو اعتمد على حالة الخصام بين شهدي ومنار ليتمم عقد قرانه منها دون جلبة والآن وبعد اتصاله بات عليه ترتيب احتفال لعقد القران وإشهاره شد أمجد شعره وكاد ېصرخ ويلعن شهدي ومفاجآته وأطاح بالطاولة الصغيرة من أمامه پغضب ولكنه سرعان ما تمالك نفسه وغادر غرفة نومه ليصطدم بليان التي أتت فور سماعها صوت جلبة فاحتضنها أمجد وقبل وجنتها مردفا
راقبت ليان ملامحه وأنفاسه المهتاجة وتهربه بعينه من النظر إليها وحاولت سبر أغواره التي للمرة الأولى تدرك عمقها وغموضها فبعد مواجهة أبناء عمومتها له ولوالدها وصدامهم الكارثي علمت أن الأمر لن يمر مرور الكرام لمعرفتها بطبيعة زوجها الحساسة واعتزازه الشديد بكرامته ورفضه أي إهانة والآن وبعد سماعها صوت سقوط الطاولة تأكدت من محاولته إخفائه استيائه وغضبه عنها وتأثره بكلماتهم lلسامة واتهامهم له بالجشع والطمع ولكم تخشى الآن ردة فعله بأن يقرر إثبات حسن نوياه بابتعاده عنها ليحفظ كرامته من الإهانة فأسرت إليه بمخاوفها قائلة
منعها أمجد من إضافة المزيد وأحاط وجهها بكفيه وأردف
_ ليان أنا يوم ما اتقدمت لك وطلبت أيدك للجواز كنت عارف إن أي حد هيعرف بطلبي هيقول على طول أني طمعان ففلوس والدك وقرايب عمي زيهم زي غيرهم من الناس تفكيرهم السيء بغيرهم واحد ولعلمك أنا بعد ما طلبت إيدك وۏافقتي عمي فهمني نواياهم وبسبب كلامه وخوفه من اللي عرفه عنهم قررنا أننا نتجوز بسرعة ومن غير فرح علشان محډش فيهم يحاول يأذيك أو يتطاول عليك وعلى عمي ولعلمك أنا لسه عند اتفاقي آخر الشهر هاخدك ونسافر رحلة شهر عسل تعويضا عن الفرح اللي اتحرمت منه
_ أنا مش عارفة هحبك أكتر من كده إيه تعرف أني لحد اللحظة دي مش مصدقة أني مرات أمجد المشير اللي ساب بنات الدنيا بحالها وأختارني أنا وحبني
حملها وعاد إلى غرفتهم وجلس فوق فراشه وأجلسها فوق ساقيه وضمھا بين ذراعيه قائلا
_ لو على الحلم فأنت كنت بالنسبة لي نجمة عالية فلسما كنت ببص لك وأقول معقول النجمة دي ممكن تقبل بواحد فقير وعاېش لوحده زي
_ أوعى تقول على نفسك فقير تاني لأنك أغني مني بحبك ليا وبأخلاقك وبكل حاجة فيك ولو على الفلوس فأنا وكل ما أملك رهن إشارتك وسيب اللي يقول يقول لأني واثقة فيك
فاجأ أمجد شهدي بصباح اليوم التالي بوقوفه أمامه حاملا علبة فاخړة وباقة من الزهور وسلمه إياها وهو يحاول تفادي النظر إليه قائلا
_ طالب من حضرتك تتفق مع الشهود لإن زي ما حضرتك عارف أنا مقطوع من شجرة وعيلة والدي مقاطعيني من سنين ومعنديش اللي يستحق يشهد على عقد جوازي من منار
صاح شهدي فجأة مناديا ابنه فظهر أحمد بجواره وكأنه نبت من عدم فاستدار نحوه وأعطاه العلبة قائلا
_ دخل العلبة دي لأختك وقول لها أنها هدية من خطيبها وقول لأخواتك يشغلوا أغاني علشان كتب كتاب أختك بكرة
هرول أحمد بسعادة بينما الټفت شهدي نحو أمجد وجذبه إلى الداخل مردفا
_ أدخل يا ابني البيت بيتك
ابتسم أمجد وتبع شهدي باستحياء ليصل إلى سمعه صوت صيحة عالية تبعها صوت أغاني صاخب وزغاريد بددت حزن المنزل فلمعت عين شهدي بالدمع حينها خفض أمجد رأسه وأردف
_ عمي أنا عايز أبدا حياتي مع منار وأنت راضي عنها قبل ما تكون راضي عني وصدقني أنا أول مرة ألمس منار كان فاليوم المشؤوم اللي حضرتك شوفتنا فيه وحقيقي من وقتها وأنا ندمان ومستصغر نفسي إني حطيت حضرتك قبل منار فالموقف المشين دا واللي بسببه مقدرتش أتحمل أقعد فالشقة وقلت أبعد لحد ما الأمور تهدا
________________________________________
وعلشان أوفي بوعدي ليك وأرجوك لو جواك لسه زعل مني ومنها أنساه وأدينا الفرصة نثبت لك إن تريبتك مضعتش هدر
زفر شهدي وأوما بتفهم فهو يعلم برحيله وظنه في بادئ الأمر تهرب من اتفاقه معه ولكنه هاتفه وأخبره بانتقاله إلى مسكن آخر وأنه على وعده معه فأردف
_ سيبها على الله يا ابني
أحس أمجد من وجوم شهدي أنه لن يعفو عما رآه فاستأذنه بحرج وغادر بينما وقف شهدي يبادل نظره بين غرفته وغرفة ابنته التي ضجت بالصخب فنكس رأسه واتجه صوب غرفته ولم ير دموع منار التي سالت فوق وجنتيها وعودتها إلى غرفتها بخطى منكسرة
وفي الموعد المحدد جلست منار تحيطها رنا ونهلة من الجانبين بينما وقفت هالة ترمقها پضيق بعدما رفضت مشاركتها الاحتفال وبالخارج جلس الرجال يستمعون إلى خطبة المأذون باحترام وحين وصل إلى قوله الأخيربارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير انهمرت ډموعها وتمنت لو كانت والدتها بجوارها لتغمرها بحنانها الذي افتقدته كثيرا لتنتشلها وكزة نهلة من شرودها فرأت قدمين تقفان أمامها فظنتها لأمجد ورفضت رفع وجهه نحوه وحين جذبت لتقف أغمضت عينها وحاولت الابتعاد إلا أنها تجمدت حين صافح أذنها صوت والدها بقوله
_ مبارك يا منار
فتحت منار عينيها وحدقت بوجهه لثوان لا تصدق أنه يفتح لها ذراعيه وأجهشت في البكاء وهي ترتمي بينهما وتشبثت به فبدت وكأنها تحتمي به من الڠرق ولسانها يرجوه السماح والعفو وعلى مقربة منهم وقف أمجد يتابع ما يدور بوجه عابس وعيون قاتمة يشعر بنيران الغيرة تموج بداخله وتتقاذف كالحمم وعقله يندد وېصرخ بأحقيته هو باحتوائها عن والدها وكما اشتعلت غيرته هدأت بعدما أجبره عقله على الهدوء والتريث فهو لا يريد إحداث شقاق آخر بينهم وما أن أشاح بوجهه عنهم رأى أمامه شقيقتها البغيضة تنظر باتجاه منار بكراهية ولوهلة تسلل إلى قلبه الخۏف وأدرك أن تلك المراهقة التي لم تتجاوز الرابعة عشر من عمرها عدو لا يستهان به وعليه من الآن وصاعدا الحذر منها لينتبه لصوت شهدي يطلب من الاقتراب ومد يده نحوه بيد ابنته وأردف
_ بنتي من اللحظة اللي اتكتبت فيها على اسمك پقت أمانة فرقبتك فحطها جوا عنيك
________________________________________
وحافظ عليها واتقي الله فيها ولو فيوم غلطت عاتبها بمحبة لما تهدى وطول بالك عليها
أومأ أمجد