رواية لمن القرار بقلم سهام صادق
تكن ترى إلا الصورة التي تتخيلها
يشرفني نطلب أيد ملك يا عمي !
سقطت صنية القهوة كما تجمدت عينين ناهد وكاميليا وهو يقترب من تلك التي وقفت خارج الصورة تنظر إليهم تسمع اسمها يتردد وناهد تنظر إليها تهتف بكلمة واحدة بعدما فاقت من صډمتها
الفصل العشرون
_ بقلم سهام صادق
وقفت منزوية على نفسها في ركن بعيد تطالع باقة الأزهار التي مازالت تحملها.. كل شىء حدث في لحظة ستظل راسخة طيلة العمر.. ناهد لم تنطق إلا اسم مها ووالدها وقف صامتا يطالع الموقف بعينين تحمل أسرار قد أخفاها الزمن في سرداب عميق.. أسعد اللحظات قد ضاعت وما هي الآن إلا سارقة هادمة لسعادة عائلتها
اقتربت منها حتى تتمكن من ضمھا إليها ولكن مها نفضت نفسها عنها تصرخ بها
أطلعي بره.. أطلعي برة أنت مش أختي مافيش أخت تعمل كده.. كنت بتسمعيني وأنا بحكيلك عن حب ليه وكنتي بترسمي عليه عشان عجبك.. الناس دايما شيفاكي ملاك ميعرفوش أنك خبيثة وخاېنة
أرادت أن تخبرها بما يدفعها شيطانه إليه ولكن شىء كان يلجم لسانها وكأن اللحظة لم تحن
ضمت ناهد أبنتها بقوة تطمنئها أما هي فلم تحصد إلا النظرات المزدرئة..
ركضت نحو غرفتها ودموعها ټغرق خديها.. كل شىء أصبح أمامها كالظلام.. ظلام يغلف الروح.. صوت عبارة والدتها مازال صداه يتردد داخلها
حقيقة كانت تعلمها ولكن هل يوجد أم تفضل سعادة إحدي ابنتيها عن أخرى
اقترب عبدالله من غرفتها بعدما رأها تركض وصوت شهقاتها يتعالى وقد أستمع لصړاخ ناهد بها.. ناهد مازالت تحفظ السر ولكن السر لن يظل في بئره العميق
رأها تحتضن وسادتها تبكي بحړقة.. ولكنه لم يستطيع الإقتراب منها وضمھا إليه فهو السبب في كل ما تعانيه.. من حب ناهد الذي أصبح يقل مع الزمن من بعده عنها وحرمانها من حقوق لا ترى ناهد إلا مها وحدها من تستحق فهي الأبنة الشرعية لهما
أنا موافق يا رسلان.. شوف هتتجوزوا أمتي وتسافروا
يا بني!
.......
أندفع نحو غرفة شقيقته ينظر إلى والدته وإلى ملامح ميادة الباكية
أنا اللي خططت لكل ده يا كاميليا هانم.. ميادة ولا بابا ملهومش ذنب
رمقته كاميليا بعتاب وقد نست كل شىء بعدما أجتذبتها تلك الكلمة القاسېة
ضمھا إليه بعدما رأي دموعها العالقة ونظراتها اللائمة
مش قادر أصدق أن أمي مبقتش تدور على سعادتنا.. أمي اللي طول عمرها واقفة في ضهرنا اتخلت عنى وعشان إية عشان معتقدات عمرها ما كانت شيفاها إلا حاجات ناقصة..
ابتعدت عنه تنظر إليه وقد تمالكت منها عاطفتها التي تخضعها للحظات
بعد العمر ده كله وهي وسطكم يا أمي جاية تقولي ده.. بيتهيألي أنت وخالتي أتأخرتوا أوي
متحاولش تطلعني وحشة يا رسلان.. أنا مش الأم الشريرة هاتلى أي بنت حتى لو فقيرة بس ليها أب وأم أعرف أشاور للناس عليهم
وعمى عبدالله وخالتي ناهد دول أيه مش أب و أم برضوة
أنت فاكر ناهد عشان سكتت النهاردة هتسكت بعدين.. لو أنا رضخت لقرارك زي ما خليت أبوك يوافق ويتقبل الحكاية.. تفتكر ناهد هتفضل بعيده عن الصورة.. لو مكنتش لمها فعمرك ما هتكون لملك يا رسلان
تجمدت عيناه كما بهتت ملامح ميادة التي وقفت تطالعهما ولم تكن تتألم إلا على تلك التي ستفيق يوما على أبشع حقيقة لو اخبروها إنها ستعيشها يوما لن تتمناها
عشان كده أنا هريحكم خالص وراجع تاني لندن..
أنصرف من الغرفة يسرع بخطاه نحو غرفته.. وكاميليا تتبعه تصرخ به
أنت فاكر إنك بتعاندني يا رسلان أنت بتعاند نفسك وعمرك ما هتعيش سعيد معاها.. ملك هتفضل طول عمرها عايشه قصادك وهي حاسه إنها إنسانه ناقصه.. هتفضل تصلح جزء جواها عمرك كل ما هتقدر ترممه... الخسارة هتبقى كبيرة أفتكر كلامي كويس
الجميع كان يستمع لصوتها.. عزالدين الذي خرج من غرفتهما يطالعها بنظرة صامتة ميادة التي وقفت خلفها تطالعها بأسي وهو قد أغلق باب غرفته خلفه يسند ظهره عليه يزفر أنفاسه لعله يستعيد ثباته
تعلقت عيناها بعينين عزالدين الذي عاد لغرفتهما فاتبعته صامتة
بلاش يا كاميليا تحربي أبنك عشان أختك.. أبنك راجل وأد قراره
كلكم صغرتوني قدام أختي ياعز الدين.. عمري ما هنسالك الموقف ده
اقترب منها يضم جسدها بين ذراعيه فحاولت دفعه بعيدا عنها ولكنه أصر على إحتضانها
فاكره زمان يا كاميليا .. فاكره أهلي لما اعترضوا عليكي وأنا صممت لأني مكنتش شايف سعادتي غير معاكي.. سيبت بنت خالتي.. خالتي اللي كانت مربياني وليها فضل عليا سيبت بنتها وكسرت قلبها عشان أتجوزك.. هنحارب أبننا أزاي وأحنا مرينا بنفس الحكاية
ملك بنت من الشارع يا عز الدين
وهي اختارت مصيرها ده يا كاميليا
واغمض عيناه يود لو أخبرها بتلك الحقيقة التي استأمنه عليها عبدالله مؤخرا
ملك إحنا اللي ربينها أوعى تنسى ده يا كاميليا.. ملك بنتنا يا كاميليا وبكره مها تلاقي الإنسان اللي يحبها ويقدرها
دفنت رأسها بصدره ټصارع دواخلها
صوت الضحكات الخاڤت وتلك الأشياء التي تتساقط بالخارج أفاقتها من غفوتها.. وضعت يدها على رأسها من شدة الصداع تنظر جوارها فحسن لم يعود بعد ولكن لمن هذه الأصوات
ابتلعت لعابها ترطب حلقها الجاف.. عقارب الساعة كانت تدق والصوت يتخلل مسمعها
أرتجف جسدها ف بالتأكيد سيكون حسن و أصدقاءه.. ظهرت صورة مسعد أمامها فندفعت نحو باب الغرفة حتى تغلقه بإحكام عليها من الداخل ولكن يدها تجمدت على مقبض الباب وهي تسمع تلك الضحكة الرنانة التي لا يمكن أن تكون إلا لإمرأة
فتحت الباب برفق فالتقطت بعينيها ظهر حسن وقد أغلق باب الغرفة الأخرى خلفه بقدمه
تحركت بصعوبة نحو تلك الغرفة تكتم صوت أنفاسها..
الصورة كانت واضحة لها حسن ومعه إحداهن وفي بيتها
وضعت أذنها على الباب تسمع تلك الهمهمات... فتسارعت دقات قلبها مما تسمعه.. تسمرت في وقفتها للحظات تستوعب ما يحدث داخل الغرفة وصوت الهمهمات يخترق مسمعها
عقلها أراد إكتمال الصورة فتحركت يدها على مقبض الباب لتفتحه والمشهد كان من أبشع ما عاشته.. لم تتخيل أن ترى يوما رجلا وإمرأة هكذا..اتسعت حدقتاها وهي تراه يلتف إليها يلتقط بنطاله ويسرع نحوها
أنت إيه اللي صحاكي مش الدواء المفروض كان خمدك
تعلقت عيناها بالمرأة التي نهضت من على الفراش ترتدي ملابسها بتلكع وكأن الأمر لا يعنيها.. قبض على كتفيها يهزها بقوة فتعلقت نظراتها الخاوية به
أنت پتخوني يا حسن.. پتخوني في بيتي
سحبها خلفه خارج الغرفة يدفعها نحو غرفتهما دون أن يعبأ بهذيانها وصډمتها
أه بخونك يا فتون ما أنت مش مكفياني.. شوفي نفسك ف المراية
ودفعها نحو المرآة يقرب وجهها من سطحها
شايفة عاملة إزاي.. بذمتك ده منظر ست.. ردي ده منظر ست
لطم رأسها بالمرآة فشعرت أن الدنيا تدور أسفل قدميها