رواية لمن القرار بقلم سهام صادق
ساعات وباقية الفريق الطبي ينتظره
اغلق حقيبته متجها نحو غرفة شقيقته سيترك لها رسالته معها
طرق على باب غرفتها لتنصدم من تلك الحقيبه التي يحملها
انت مسافر يارسلان
دلف للغرفه بعدما انزاحت جانبا
مياده اسمعيني كويس... انا احتمال اغيب شهر ويمكن اقل في أفغانستان معرفش مهمتي هتخلص امتى.. بس عايزك توصلي رساله لملك اني خلاص قررت زي ما وعدتها
يعني اعرف من الخدامه انك مسافر يارسلان
اشاح عيناه بعيدا عنها فبعد الحديث الذي دار بينهم ليله امس لم يعد يعرف أين هي والدته التى دوما كانت الأقرب شعورا به
السفر جيه فجأه
ضمته بحب تمسد ظهره فأنحني يضمها اليه
فكري تاني ياماما... فكري عشان سعادتي
مش معقول ياماما بټعيطي.. ما انتي متعوده على كده من زمان وعارفه ان طبيعه شغله كده
ولكن كاميليا لم تكن تبكي إلا لخذلانها له..مسحت دموعها تعود لثباتها ترمق ابنتها بنظرات فاحصه
تعالت الدهشة فوق ملامح ميادة.. فوالدتها قد التقطت حديثهم
رساله ايه ياماما
مياده
رساله عاديه ياماما انه هيسافر شهر وراجع
رمقتها كاميليا بنظرات ثاقبة
طيب يامياده.. الرساله اللي اخوكي بلغك بيها ياريت متوصلش لملك مفهوم لا إلا
صمتت قليلا تفكر في شئ يجعل ابنتها العنيده تتخذ جانبا من دور الوسيط بينهم
اتسعت عيناها صډمه لا تصدق ان والدتها تضع مستقبلها امام امر هكذا
أنتي كده هتمنعي حب رسلان لملك
اخرجي انتي من حلقه الوصل بينهم وكل حاجه هتمشي زي ما انا عايزه
انا مش فاهمه انتي ليه مش عايزه ملك زوجه لرسلان... انتي طول عمرك بتحبيها.. ديه بنت اختك ايه فرقت عن مها
احتدت عيناها تنظر لها ذهولا من قرارها
رسلان بيحب ملك.. وهيتجوزوا ياماما
رسلان مش هيتجوز ملك.. بلاش توجعي قلب اخوكي... انا وباباكي مش موافقين على ملك
ليه.. نفسي اعرف ليه هتجنن
والاجابه كانت على طرفي شفتي كاميليا
لان ايه ياماما
اغمضت كاميليا عيناها فقد جاء الوقت لتعرف ابنتها الحقيقه كما عرفها رسلان منذ زمن ورفضها
ملك مش بنت خالتك.. ملك بنت من الشارع... عايزه اخوكي يتجوز بنت منعرفش لها اصل من فصل والله اعلم هي جات ازاي
ارتسمت الصدمه فوق ملامح مياده التي تراجعت نحو فراشها تسقط فوقه بعدما خارت قواها
لو السر ده اتعرف انتي هتخسري ملك.. وخالتك لو عرفت بحب رسلان لملك تخيلي ممكن ايه يحصل ... فكري بالعقل يامياده
وقارني بين علاقه رسلان وملك تنتهي ولا تعرف الحقيقه اللي خبيناها عنها طول عمرها وتكتشف فجأه انها بنت من الشارع
بس ده ظلم
اقتربت منها كاميليا ټحتضنها بعدما شعرت بوقع الصدمه عليها
تخسر حبها ولا تخسر نفسها وحب ناهد ومها ليها .. شوفي أنهى وجعه اقل
واردفت وهي تنظر لملامح ابنتها التي مازالت تردد انها لا تصدق الأمر
انا عشان بحب ملك مردتش اخلي خالتك تشوف الصور.. ومش راضيه اوجعها بالحقيقه اللي ممكن تدمرها انا كل اللي عايزاه انها تبعد عن ابني وتشوف طريقها مع حد تاني.. بكره لما تبقى ام هتفهميني يامياده
وانسحبت تتركها في ضياعها تهتف لحالها
يعني ملك مش بنت خالتي.. ملك لو عرفت ده كله هتعمل ايه.. انا مصدومه
............
انتبهت اخيرا لانغلاق هاتفها.. فمنذ استيقاظها وهي تعاني مع مها للخروج من فراشها ولكن مها ظلت نائمه لا ترغب بشئ.. ضميرها كان يؤنبها من حينا لأخر ولكن كلما تذكرت حديثهم امس وفرصتها الاخيره في التمسك به وانه لن يكون لمها مهما حدث
مكالمات عده وجدتها منه.. لتسرع في غلق باب غرفتها والضغط على رقمه
الهاتف مغلق وكأن اليوم هو تبادل الأدوار
كادت ان تدق على هاتف مياده ولكن دلوف مها جمدها
ملك انا عايزه اخرج.. البسي وتعالى نتمشى شويه عايزه انسى بجد اللي حصل
وماكان عليها إلا الموافقه فشقيقتها تحتاجها وهي السبب في كل ما يحدث لها.. عاد ضميرها يؤنبها ثانية ولكنه كان في صراع مع حديثه الذي كلما تخيلت به المستقبل علمت بعدم قدرتها على تحمله
...........
التهم الطعام متلذذا مذاقه ينظر للاطباق الشهيه حوله
الاكل طعمه يجنن.. انا مش عارف اكل ايه ولا ايه
ضحك سليم وهو يطالع صديقه
ده انا علي كده كل يوم هعزم نفسي عندك.. بس ده مش اكل مدام ألفت
وعاد يتذوق معلقة من الأرز مؤكدا لحاله والجالس أمامه
هو انت غيرت مدام ألفت
مدام ألفت استقالت..
امممممم ما تسلفني الخدامه الجديده
اقتربت بطبق الفاكهه الذي تأخرت في اعداده تضعه في منتصف المائدة فتعلقت عيني راشد بها ينظر لها بنظرات لم تخفي عن ذلك الجالس يترصد حركتها
شكرا يافتون.. روحي المطبخ لو احتاجت حاجه انا هاجي اخدها منك
انصرفت كما أمرها بعدما استشعرت غضبه في نبرته
خدامه صغيره.. لا وكمان مش عايزني اشوفها..ده انا حتى صاحبك
راشد
بس البنت جميله حاجه كده عايزه...
وبتر كلماته عندما ضړب سليم فوق المائدة
مش هتبطل اللي انت فيه
ماله اللي انا فيه.. انا بوصف جمالها
راشد
اتسعت عيني راشد من ڠضب صديقه العجيب ينظر اليه
اوعي تقولي انك على علاقه بيها.. لا لا مصدقش انت طول عمرك سكتك دوغري جواز شرعي وفتره وكل واحد منكم من طريق.. غير انك ملكش ف الرمرمه زي حالاتي
احتقن وجه سليم وقد التقط راشد تلك النيران المتوهجه في عينيه
خلاص.. خلاص هكمل اكلي وانا ساكت
وعاد ينغمس في التهام الطعام ولسوء حظها خرجت إليهم مره اخرى بطبق الحلوى حتى تشرف سيدها أمام ضيفه
تجمدت ملامح سليم وهو يري صديقه كيف يدرس تفاصيلها بعينيه.. انه رجلا ويعرف كيف ينظر الرجال وخاصه راشد صديقه
نهض من فوق مقعده يتبعها وقد ازداد حنقه منها.. انتفضت مفزوعه على صوته وسقط الطبق منها
انا مش قولتلك متخرجيش من المطبخ
هتفت بتعلثم تخفض عيناها نحو الطبق المكسور
انا...
لو عجباكي نظراته قوليلي... هو اكتر من مرحب
انفرجت شفتيها لا تفهم شئ من حديثه ولكنه كان حانق بشده.. لا يريدها ان تلوث في هذا العالم.. دقق النظر في الزر المقطوع من قميصها وقد ظهر ماخلفه متذكرا نظرات صديقه
وياتري ده اتقطع وانتي متعمداه ولا بالصدفه
سقطت عيناها نحو قميصها فأتسعت عيناها صډمه
انا.. انا
غادر المطبخ بعدما لم تجد ما تخبره به...وضعت كفها علي ذلك الجزء المثقوب تنظر نحو خطواته
وجد صديقه كما تركه جالس فوق مقعده يتناول من طبق الحلوى
لا الخدامه ديه هايله ياسليم.. انا مستعد ادفعلها مرتب ضعف ما بتدفع ليها..مش عايز اسمع ردك انت... انا عايز اسمع ردها هي
قالها وكأنه واثق في جوابها... وقد لمعت عيناه بالمكر فمن سيكون اكثر منه خبرة في أمور النساء وخاصة الخادمات.
يتبع..
بقلم سهام صادق
الفصل الثالث عشر
_ بقلم سهام صادق
والقاعدة التي كان يسير عليها راشد لم تكن خافية عنه..إنه يدرك تماما نواياه .. وهل يغفل الرجال عن طبائع كل منهم
شكلك ياسليم مستخسرها فيا .. ده أنا صاحبك حتى .
راشد .. أنا فاهمك كويس بلاش نلف وندور على بعض... فتون مرات حسن السواق يعني من رجالتي وأنت عارف أقصد إيه ..
انتفخت أوداجه ڠضبا فراشد يذكره بوالده ويعيد إليه ذكريات ظن أنه قد نسيها مع الزمن ..
وبلاش تبقى زباله قوي .
رمقه راشد متمهلا إلى أن اڼفجر ضاحكا ينهض من مقعده
مش عارف ليه حاسس إن الخدامة دي مميزة.
طالعه سليم پغضب ناهضا هو الآخر يمد إليه يده مصافحا
نورت يا راشد .
ماشي ياسليم أطردني. . بس أوعي الخدامة توقعك لأحسن أنا عارفهم أسمع نصيحة صاحبك .
سار أمامه وضحكاته تعلو وكأنه لا يصدق أنه اليوم استطاع أن ينال شرف رؤية غضبه..
رمقه بنظرات قاتمة ولحظها العسر كانت تقف أمامه تسأله
هو صاحبك مشي يا بيه
شملها بنظرة جعلت جسدها يرتجف وقد أصابها الذعر. تجاهلها وكأنه لم يسمع شيئا متجها لغرفة مكتبه
طالعت الباب الذي أغلقه خلفه مندهشة من تجاهله لها وقد ظنت أنه سيمدحها على الطعام وسرعان ما تلاشت دهشتها تتذكر حديثه القاسې معها تنظر نحو قميصها .
الظاهر إن البيه لسه زعلان مني .. بس أنا مكنتش واخده بالي وأهو خفيت القطع .
لم تلمه على قسۏة كلماته التي لا تعرف لها سببا إنما لامت حالها... رب عملها بطل والأبطال دائما فرسان والفرسان لا تخطئ
وبين رجل قاس ورجل لا يعاملها إلا شفقة كانت هي الضائعة .
زفرت أنفاسها وأتجهت نحو المائدة تجمع ما عليها ومازالت في شرودها .
. . . . . . . . . . . .
التخبط وحده ما كان يعيشه وهو يسير في حجرة مكتبه ذهابا وإيابا...المشهد عاد مقتحما عقله وصوت والدته يدوي في أذنيه وهي تسحبه نحو تلك الغرفة
تعالى شوف أبوك المحترم بيخوني .. أنا صافي هانم بنت الحسب والنسب أبوك بيخوني مع الخدامة .
طفل في الرابعة عشر يرى والده في أحضان الخادمة..المشهد يعاد أمامه بأدق تفاصيله ..لقد ظل لأيام يستوعب ما رآه .. الخادمة تركض أمامهم تداري جسدها بالغطاء ووالده يهرول لارتداء ملابسه .
وأمه تقف على أعتاب الحجرة تصرخ وتهدد وهو يقف ينظر نحو الفراش المبعثر .
فنون مفتونة بيك ويمكن كمان تكون حبتك .. فتون لازم تمشي من هنا يابيه .
والحقيقة التي تغافل عنها تعاطفا ذكره بها راشد اليوم . دماء الحقارة تسري داخل أوردته حتى لو أجاد رسم صورة الرجل العطوف.. هناك جينات داخله تحركه وزيجاته العديدة لم تكن إلا ليتفادى شهواته ولكن فتون ستكون سهلة المنال ونظرته كرجل تخبره بذلك .
وعند تلك النقطة كان يفتح باب الغرفة متجها إليها
توقف مكانه عندما التقطت عيناه جسدها وهي منحنية تمسح أرضية المطبخ .. أغمض عينيه بقوة ثم أشاحهما بعيدا
فتون تعاليلي مكتبي
انتفضت مڤزوعة على أثر صوته تعتدل في وقفتها
حاضر يابيه .. أعملك قهوتك
ألتف بجسده مغادرا يعطيها الإجابة بنبرة مقتضبة
لأ .
طالعت خطواته تستشعر الخۏف من نبرته الصارمة
لقد غادر الضيف منذ ساعة وانفرد هو في غرفة مكتبه
هو البيه هيعوزني في إيه ! ده حتى مرضيش أعمله القهوة . شكله لسه زعلان منك يا فتون .
ارتسم البؤس على ملامحها مجددا وعادت تؤنب حالها فلم تكن تقصد أن تخالف أوامره أو تظهر أمام ضيفه إلا لتشرفه في تقديم الضيافة .
أخذ عقلها يدور دون هوادة بين تفاصيل اليوم ..تقارن حديثه معها في الصباح وتعامله معها منذ وصول ضيفه .
أدركت للتو أنها أطالت في شرودها. . فأسرعت نحو محرمة المطبخ تمسح يديها تفكر في صنع القهوة له وقد تناست أنه منذ دقائق كان يرفض تناولها
دلفت حجرة مكتبه تتجه نحوه بخطوات مرتبكة فعينيه كانت لا تحيد عنها وكأنه كان ينتظرها
أنا مطلبتش قهوة
طالعت فنجان القهوة وقد انتبهت لحماقتها .. الټفت بجسدها حتى تعيدها للمطبخ
حطيها مدام اتعملت
عادت تنظر إليه تبحث عن تلك النظرة التي تطمئنها ولكنها لم تجد شيئا إلا ذلك الجمود الذي يخاطبها به .
وضعت الفنجان أمامه تطرق بعينيها أرضا تحاول أن تتحكم في دقات قلبها النابضة
قولتلي إنك عايزني يابيه
رفعت عينيها عندما طال صمته... فاتسعت حدقتاها وهي ترى ذلك المظروف الذي يمده إليها
إيه ده يابيه !
مكأفاة نهاية خدمتك هنا يافتون .
ابتلعت لعابها وقد جف حلقها من الصدمة تنظر إليه لا تستوعب حديثه .
نهاية خدمتي هو أنا عملت حاجة تزعلك ياسليم بيه
مش لازم تكوني عملت حاجة يافتون .
لا أنا أكيد عملت حاجة زعلتك مني ..أنت كنت مبسوط مني امبارح والنهارده الصبح .
وأردفت تبحث عن سبب وعيناها تدور هنا وهناك .
طيب الأكل طعمه وحش .
تعلقت عيناه بها. . أراد التراجع في قراره ولكنه حسم أمره
فتون خدي الفلوس وياريت تجمعي حاجتك وتمشي ولو على حسن أنا هفهمه .
أبوس إيدك ياسليم بيه متمشنيش من هنا .. الله يخليك يابيه .
انحنت تقبل كفه فأسرع ينتشلها من ذلك الوضع المخزي الذي أصاب نقطة ما في قلبه... إنه يكره ضعف وذل الناس .
فتون إيه اللي بتعمليه ده .. فتون وجودك عندي في بيتي مينفعش .. أنا راجل معارفي كثير وأغلبهم عينهم زايغه . هيشوفوا وجودك في بيتي إنك لقمة سهلة .
أرجوك يابيه خليني أخدمك.. أنا مبسوطة هنا.. ولو على اللي عملته النهارده أوعدك مش هخرج من المطبخ تاني .
سقطت دموعها تستجدي عاطفته
مش هتحس بوجودي بعد كده .
زفر أنفاسه يطالع نظراتها الکسيرة.. عاد قلبه يرفق بها يخبره أنها استثناء.. عقله يطالبه ألا يتراجع وقلبه يحثه على الأمر يطالبه ان ينظر في ملامحها الطفولية.. ينظر نحو عينيها التي لا تحمل إلا الضعف .
تأملها بعينين ليست كعينيه حين يطالع نساءه .. هن يحركن به شهوته ولكن هي لا تحرك فيه إلا المشاعر النظيفة كما كانت
سيلا تفعل
سليم بيه أرجوك
ورجاءها بصوتها الضعيف المرتعش كأنه كان ينقصه ولا يعرف بعدها كيف أومأ برأسه موافقا على مكوثها بعدما كان أتخذ قراره بثبات .
ضمت كفيها ببعضهما وانسابت دموعها غير مصدقة .
مش هضايقك تاني يابيه..هنضف وأحط الأكل وأمشي على طول ..كل حاجه هتقول عليها هسمعها .
سعيدة هي.. سعيدة بذلها أمامه سعيدة بأنه أعطاها فرصة أن تظل خادمة وهو يقف يطالعها بسكون يتشرب تفاصيلها ضعفها ويرتوي داخله ولكن ارتواءه لم يكن إلا علقما .
روحي يافتون
يعني آجي بكره
تسألت وقد عادت إليها الحيرة فمازال مقتضبا في حديثه
تقدري تيجي يافتون
ألقى عبارته مغادرا الحجرة هاربا من عاطفته التي نسي مع الزمن أنها داخله وهاهي تعود لتتحكم به .. طالعت طيفه وعادت الډماء لوجهها مجددا فعالم دون سليم النجار ترفضه و قليل القليل هي ما تريده العطف .
.......
خطفت رائحة الفطائر الشهية أنفاسها.. وقد عبق المكان برائحتها .
أسرعت في إخراجها من الفرن تنظر الي صنيعها برضى
ماما إحسان هتتبسط قوي وكمان الأستاذ عصام بيحبها
عصام الذي أدمي قلبها بكلماته الچارحة هذا الصباح.. وقفت هي ليلا منهكة القوى تصنع له ما يحبه .
وضعتهم فوق طبق جميل فعصام